فصل: حيل حخاميمهم الدنيئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (نسخة منقحة)



.حيل حخاميمهم الدنيئة:

وما من جماعة منهم في بلدة إلا إذا قدم عليهم رجل من أهل دينهم من بلاد بعيدة يظهر لهم الخشونة في دينه والمبالغة في الاحتياط، فإن كان من فقهائهم شرع في إنكار أشياء عليهم يوهمهم قلة دينهم وعلمهم، وكلما شدد عليهم قالوا هذا هو العالم، فأعلمهم أعظمهم تشديدا عليهم، فتراه أول ما ينزل عليهم لا يأكل من أطعمتهم وذبائحهم، ويتأمل سكين الذباح ويشرع في الإنكار عليه ببعض أمره، ويقول لا آكل إلا من ذبيحة يدي، فتراهم معه في عذاب، ويقولن هذا عالم غريب قدم علينا فلا يزال ينكر عليهم الحلال ويشدد عليهم الآصار والأغلال ويفتح لهم أبواب المكر والاحتيال، وكلما فعل هذا قالوا: هذا هو العالم الرباني والحاخام الفاضل، فإذا رآه رئيسهم قد مشى حاله وقبل بينهم مقاله وزن نفسه مه فإذا رأى انه ازدرى به وطعن عليه لم يقبل منه، فإن الناس في الغالب يميلون مع الغريب وينسبه أصحابه إلى الجهل وقلة الدين، ولا يصدقونه لأنهم يرون القادم قد شدد عليهم وضيق، وكلما كان الرجل أعظم تضييقا وتشديدا كان أفقه عندهم، فينصرف عن هذا الرأي فيأخذ في مدحه وشكره، فيقول: لقد عظم الله ثواب فلان إذ قوى ناموس الدين في قلوب هذه الجماعة، وشيد أساسه، واحكم سياج الشرع، فيبلغ القادم قوله فيقول ما عندكم أفقه منه ولا أعلم بالتوراة وإذا لقيه يقول: لقد زين الله بك أهل بلدنا، ونعش بك هذه الطائفة؟؟؟ وإن كان القادم عليهم حبرا من أحبارهم فهناك ترى العجب العجيب من الناموس التي تراه يعتمده والسنن التي يحدثها، ولا يعترض عليه أحد، بل تراهم مسلمين له، وهو يجتلب درهم ويجتلب درهمهم، وإذا بلغه عن يهودي طعن عليه صبر عليه حتى يرى منه جلوسا على قارعة الطريق يوم السبت أو يبلغه أنه اشترى من مسلم لبنا أو خمرا أو خرج عن بعض أحكام المشنا، والتلمود فحرمه بين ملأ اليهود وأباحهم عرضه ونسبه إلى الخروج عن اليهودية، فيضيق به البلد على هذه الحال، فلا يسعه غلا أن يصلح ما بينه وبين الحبر بما يقتضيه الحال، فيقول لليهود: إن فلانا قد أبصر رشده وراجع الحق وأقلع عما كان فيه وهو اليوم يهودي على الوضع، فيعودون له بالتعظيم والإكرام؟.
من شريعتهم نكاح امرأة الأخ أو العار وأذكر لك مسألة من مسائل شرعهم المبدل أو المنسوخ تعرف بمسألة البياما والجالوس وهي أن عندهم في التوراة: إذا أقام إخوان في موضع واحد ومات أحدهما ولم يعقب ولدا فلا تصير امرأة الميت إلى رجل أجنبي بل حموها ينكحها، وأول ولد يولدها ينسب إلى أخيه الدارج، فإن أبي أن ينكحها خرجت متشكية إلى مشيخة قومه قائلة قد أبى حموي أن يستبقى اسما لأخيه في بني إسرائيل ولم يرد نكاحي فيحضره ويكلفه أن يقف ويقول ما أردت نكاحها، فتتناول المرأة نعله فتخرجه من رجله وتمسكه بيدها وتبصق في وجهه وتنادي عليه: كذا فليصنع بالرجل الذي لا يبني بيت أخيه. ويدعي فيما بعد بالمخلوع النعل، وينتبز بنوه بهذا اللقب، وفي هذا كالتلجئة له إلى نكاحها، لأنه إذا علم أنه قد فرض على المرأة وعليه ذلك فربما استحيا وخجل من شيل نعله من رجله والبصق في وجهه ونبزه باللقب المستكره الذي يبقى عليه وعلى أولاده عاره ولم يجد بدا من نكاحها فإن كان من الزهد فيها والكراهة لها بحيث يرى أن هذا كله أسهل عليه من أن يبتلى بها وهان عليه هذا كله في التخلص منها لم يكره على نكاحها، هذا عندهم في التوراة. ونشأ لهم من ذلك فرع مرتب عليه وهو: أن يكون مريدا للمرأة محبا لها وهي في غاية الكراهة له، فأحدثوا لهذا الفرع حكما في غاية الظلم والفضيحة فإذا جاءت إلى الحاكم أحضروه معها ولقنوها أن تقول: إن حموي لا يقيم لأخيه اسما في بني إسرائيل، ولم يرد نكاحي، وهو عاشق لها- فيلزمونها بالكذب عليه وأنها أرادته فامتنع- فإذا قالت ذلك ألزمه الحاكم أن يقوم ويقول: ما أردت نكاحها- ونكاحها غاية سؤله وأمنيته، فيأمرونه بالكذب عليها- فيخرج نعله من رجله إلا أنه لامسك هنا ولا ضرب بل يبصق في وجهه وينادى عليه: هذا جزاء من لا يبني بيت أخيه. فلم يكفهم أن كذبوا عليه حتى أقاموه مقام الخزي وألزموه بالكذب والبصاق في وجهه والعتاب على ذنب جره غيره، كما قيل:
وَجَرمٌ جُرهٌ سُفَهاءُ قَومٍ ** وَحَلَ بِِغيرِ جارِمِهِ العَذاب

أفلا يستحي من تعيير المسلمين من هذا شرعه ودينه؟؟
ما لاقاه إخوان القردة.. من الإذلال والصغار من مختلف الأمم والدول وكان سبب طمس معالم دينهم وآثارهم:

.فصل: (لا يستبعد اصطلاح الأمة الغضبية على المحال):

ولا يستبعد اصطلاح الأمة الغضبية على المحال واتفاقهم على أنواع من الكفر والضلال إن الدولة إذا انقرضت عن أمة باستيلاء غيرها عليها وأخذ بلادها انطمست حقائق سالف أخبارها ودرست معالم دينها وآثارها، وتعذر الوقوف على الصواب الذي كان أولوها وأسلافها؛ لأن زوال الدولة عن الأمة إنما يكون بتتابع الغارات وخراب البلاد إحراقها وجلاء أهلها عنها، فلا تزال هذه البلايا متتابعة عليها إلى أن تستحيل رسوم دياناتها وتضمحل أصول شرعها وتتلاشى قواعد دينها، وكلما كانت الأمة أقدم اختلفت عليها الدول المتناولة لها بالإذلال والصغار كان حظها من اندراس دينها أوفر هذه الأمة الغضبية أوفر الأمم حظا من ذلك، فإنها أقدم الأمم عهدا، واستولت عليها سائر الأمم من الكندانيين والكلدانيين والبابليين والفرس واليونان والنصارى، حتى لم يبق لهم مدينة ولا جيش ولا حصن إلا بأرض الحجاز وخيبر فأعز ما كانوا هناك، فلما قام الإسلام واستعلن الرب تعالى من جبال فاران صادفهم تحت ذمة الفرس والنصارى وصادف هذه الشرذمة بخيبر والمدينة فأذاقهم الله بالمسلمين من القتل والصبي وتخريب الديار ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم، وكانوا من سبط لم يصبهم الجلاء فكتب الله عليهم الجلاء وشتتهم ومزقهم بالإسلام كل ممزق، ومع هذا لم يكونوا مع أمة من الأمم أطيب منهم مع المسلمين ولا آمن، فإن الذي نالهم من النصارى والفرس وعباد الأصنام لم ينلهم من المسلمين مثله، وكذلك الذي نالهم مع ملوكهم العصاة الذين قتلوا الأنبياء وبالغوا في طلبهم وعبدوا الأصنام، وأحضروا من البلاد سدنة للأصنام لتعظيمها وتعظيم رسومها في العبادة وبنوا لها البيع والهياكل وعكفوا على عبادتها وتركوا لها أحكام التوراة وشرع موسى أزمنة طويلة وأعصارا متصلة، فإذا كان هذا شأنهم مع ملوكهم فما الظن بشأنهم مع أعدائهم أشد الأعداء عليهم كالنصارى الذين عندهم أنهم قتلوا المسيح وصلبوه وصفعوه وبصقوا في وجهه ووضعوا الشوك على رأسه وكالفرس والكلدانيين وغيرهم.

.صلاتهم دعاء على الأمم وإفك على الله تعالى وتقدس:

وكثيرا ما منعهم ملوك الفرس من الختان وجعلوهم قلفا، وكثيرا ما منعوهم من الصلاة لمعرفتهم بأن معظم صلاتهم دعاء على الأمم بالبوار وعلى بلادهم بالخراب إلا ارض كنعان، فلما رأوا أن صلاتهم هكذا منعوهم من الصلاة، فرأت اليهود أن الفرس قد جدوا في منعهم من الصلاة فاخترعوا أدعية مزجوا بها صلاتهم سموها الخزنة وصاغوا لها ألحانا عديدة وصاروا يجتمعون على تلحينها وتلاوتها، والفرق بين الخزانة والصلاة أن الصلاة بغير لحن ويكون المصلى فيها وحده الخزانة بلحن يشاركه غيره فيه، فكانت الفرس إذا أنكروا ذلك عليهم قالت اليهود نحن نغني وننوح على أنفسنا فيخلون بينهم وبين ذلك، فجاءت دولة الإسلام فأمنوا فيها غاية الأمن، وتمكنوا من صلاتهم في كنائسهم، واستمرت الخزانة سنة فيهم في الأعياد والمواسم والأفراح وتعوضوا بها عن الصلاة.
والعجب أنهم مع ذهاب دولتهم وتفرق شملهم وعلمهم بالغضب الممدود المستمر عليهم ومسخ أسلافهم قردة لقتلهم الأنبياء وعدوانهم في السبت وخروجهم عن شريعة موسى والتوراة وتعطيلهم لأحكامها يقولون في كل يوم في صلاتهم محبة الدهر أحبنا يا إلهنا؟ يا أبانا أنت أبونا منقذنا ويمثلون أنفسهم بعناقيد العنب وسائر الأمم بالشوك المحيط بالكرم لحفظه، وأنهم سيقيم الله لهم نبيا من آل داود إذا حرك شفتيه بالدعاء مات جميع الأمم ولا يبقى على وجه الأرض إلا اليهود، وهو بزعمهم المسيح الذي وعدوا به، وينبهون الله بزعمهم من رقدته في صلاتهم، وينخونه ويحمونه تعالى الله عن إفكهم وضلالهم علوا كبيرا. وضلال هذه الأمة الغضبية وكذبها وافتراؤها على الله ودينه وأنبيائه لا مزيد عليه.
وأما أكلهم الربا والسحت والرشا، واستبدادهم دون العالم بالخبث والمكر والبهت، وشدة الحرص على الدنيا، وقسوة القلوب، والذل والصغار، والخزي، والتحيل على الأغراض الفاسدة، ورمي البرآء بالعيوب، والطعن على الأنبياء: فأرخص شيء عندهم، وما عيروا به المسلمين مما ذكروه ومما لم يذكروه فهو بعضهم وليس في جميعهم ونبيهم وكتابه ودينه وشرعه بريء منه، وما عليه من معاصي أمته وذنوبهم، فإلى الله إيابهم وعلى الله حسابهم.
أساس دين النصارى قائم على شتم الله. والشرك به.

.فصل: خرافة الفداء:

وإن كان المعير للمسلمين من أمة الضلال وعباد الصليب والصور المدهونة في الحيطان والسقوف فيقال له: ألا يستحي من أصل دينه الذي يدين به اعتقاده أن رب السموات والأرض تبارك وتعالى نزل عن كرسي عظمته وعرشه ودخل في فرج امرأة تأكل وتشرب وتبول وتتغوط وتحيض فالتحم ببطنها، وأقام هناك تسعة أشهر يتلبط بين نجو وبول ودم طمث، ثم خرج إلى القماط والسري كلما بكي ألقمته أمه ثديها، ثم انتقل إلى المكتب بين الصبيان، ثم آل أمره إلى لطم اليهود خديه، وصفعهم قفاه، وبصقهم في وجهه، ووضعهم تاجا من الشوك على رأسه والقصبة في يده؛ استخفافا به وانتهاكا لحرمته. ثم قربوه من مركب خص بالبلاء راكبه، فشدوه عليه وربطوه بالحبال، وسمروا يديه ورجليه، وهو يصيح ويبكي ويستغيث من حر الحديد وألم الصلب؛ هذا وهو الذي خلق السموات والأرض، وقسم الأرزاق والآجال؛ ولكن اقتضت حكمته ورحمته أن يمكن أعداءه من نفسه لينالوا منه ما نالوا فيستحقوا بذلك العذاب والسجن في الجحيم، ويفدى أنبياءه ورسله وأولياءه بنفسه فيخرجهم من سجن إبليس؛ فإن روح آدم وإبراهيم ونوح وسائر النبيين عندهم كانت في سجن إبليس في النار حتى خلصها من سجنه بتمكينه أعداءه من صلبه.